ومن آدابهم التى رأينا عليها سيدى عبد القادر : غلبة الزهد والتقشف ، وترك التوسع فى ملاذ الدنيا ، وهذا الأدب من أهم آداب الطريق ، على أن للقوم فى الزهد مشارب مختلفة ، وليسوا فيه على مشرب واحد كما يظن بعض الناس ، فمن الأولياء الذين رأيناهم من لا يبالى بالاتساع فى الدنيا إذا وسعها الله عليهم فيوسعون على أهاليهم ومريديهم ويتأنقون فى الملبس والمأكل لكنهم لا يبالون بها إذا زالت عنهم ولا يتأففون ولا يتضجرون ، وهذا هو محك الزهد الحقيقى : عدم التعلق القلبى بالدنيا . ومنهم من يكون زهده فيها على مشرب سيدنا الشيخ عبد القادر نفعنا الله به من عدم التعلق القلبى بها ، ثم يزيدون على ذلك بأخذ الحد الأدنى منها فيلبسون مثلا الملابس الجميلة اللائقة بحالهم النظيفة الجيدة ، لكن دون التأنق للغاية ، مع قدرتهم على ذلك لكن يدعونه زهدا ويقتصرون على الحد الأدنى منه ، وكذلك يأكلون ويشربون من المطاعم والمشارب ما دون الاتساع والتفنن فى ألوان الطعام وفاخره مع القدرة على ذلك ، لكنهم يدعونه زهدا ويقتصرون منه على الوسط . وكلا المشربين له أصل من السنة النبوية الشريفة ، كما يعلم ذلك من اطلع على أحوال النبى صلى الله عليه وسلم ، وإن كان الأغلب من أحواله صلى الله عليه وسلم الانصراف عن الدنيا وإيثار الفقر على الغنى .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق